يخاف العديد من الأطفال من الظلام، وذلك لسبب وجيه، وهو أن الرؤية البشرية يمكن أن تخدعهم. بمجرد إطفاء الأضواء، تبدأ الصور الظلية وأشعة الضوء في الظهور في الظلام؛ في ظروف الإضاءة المنخفضة، نصبح فجأة أكثر وعيًا بأجسامنا وننتبه إلى الأشياء الموجودة في رؤيتنا المحيطية. البوابة popsci.com تقول لماذا.

في الواقع، فإن تدفق المعلومات التي نتلقاها ونعالجها من خلال شبكية العين لا يعكس الواقع دائمًا. تعتبر الرؤية البشرية نظامًا معقدًا يشتمل على الأعصاب والكيمياء الحيوية، لذلك يمكن خداعها.
إن أبسط طريقة لرؤية حدود نظامنا البصري أثناء العمل هي من خلال الخدع البصرية. للتوضيح عمليًا، أغمض عينيك واستخدم إصبع السبابة للضغط بلطف على الحافة العلوية للعظم الحجاجي. سترى دائرة سوداء ذات حواف فاتحة وستتحرك في الاتجاه المعاكس لإصبعك.
تُظهر خدعة كهذه أن العين يمكنها توفير معلومات مرئية حتى في حالة عدم وجود هذه المعلومات، حيث تظهر البقعة ساطعة حتى عندما لا يكون إصبعك موجودًا. يحدث هذا بسبب التشوه الميكانيكي لشبكية العين، مما يؤدي إلى تنشيط الخلايا العصبية ونقل البيانات إلى الدماغ.
ويسمى هذا الإدراك للضوء في غياب مصدر الضوء بالفوسفين. وعادة ما يكون بمثابة استجابة للضغط الميكانيكي أو أي شكل آخر من أشكال التحفيز الخارجي. في بعض الأحيان يحدث الفوسفين أيضًا في الصدمات الجسدية: بعد ضربة على الرأس، يقال إن “الشرر يأتي من العين”، وهذا هو بالضبط ما يعنيه ذلك.
الحقيقة هي أنه من حيث المبدأ، لا تتوقف شبكية العين عن العمل أبدًا، حتى في حالة عدم وجود مصدر للضوء حولها. في الضوء الخافت، تكون الخلايا البصرية العصية، الحساسة جدًا للضوء، أكثر نشاطًا. ولأنها تتركز بشكل رئيسي على حافة شبكية العين، فقد يولي الشخص المزيد من الاهتمام للرؤية المحيطية. وتلك الومضات العشوائية من الضوء والألوان التي يمكننا رؤيتها في الظلام أو عندما نغلق أعيننا تسمى في الواقع. وهم العين المغلقة.
لكن الأمر يستحق إلقاء نظرة فاحصة على الظل. خلافًا للاعتقاد الشائع، في الظلام الدامس، لا نرى اللون الأسود، بل نرى لونًا رماديًا داكنًا وموحدًا للغاية، يُسمى eigengrau – أو “الرمادي الداخلي” باللغة الألمانية. تم اكتشافه لأول مرة من قبل الفيزيائي غوستاف فيشنر، الذي درس هذه الظاهرة في القرن التاسع عشر باستخدام محفزات التلاشي التدريجي (في هذه الحالة، الضوء) لفهم كيفية تأثيرها على الإدراك البشري.
السبب وراء عدم قدرتنا على رؤية الظلام المطلق بسيط، وهو التداخل البصري. ويحدث ذلك نتيجة لإشارات من العصب البصري يقرأها الدماغ على شكل ومضات من الضوء. رغم أنه من الضروري هنا التحفظ على أن هناك عوامل أخرى تتيح لنا رؤية شيء ما في الظلام. عندما تكون المعلومات البصرية مفقودة، تصبح الحواس الأخرى أكثر نشاطا، ولهذا السبب يستطيع الشخص إدراك جسده بشكل أفضل.


